ا قبل ثلاثة أشهر من انتهاء المرحلة الانتقالية في مصر، انتهى شهر العسل بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس العسكري الحاكم في مصر، وبدأت حرب البيانات بينهما والتهديدات المتبادلة.
نهاية شهر العسل بدأت مع رغبة الأغلبية البرلمانية الإخوانية، في سحب الثقة من الحكومة، وتشكيل حكومة ائتلافية، وهو ما جعل المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري، يتصل بالدكتور سعد الكتاتني، حسبما سربت مصادر مقربة، مهددا إياه بحل البرلمان إذا سحب الثقة من الحكومة.
جماعة الإخوان من جهتها لم تسكت على تهديد الإخوان لها، حيث أعلنت في بيان لها، أن طريقة تعامل المجلس العسكري في إدارة المرحلة الانتقالية تشير إلى رغبة في إجهاض الثورة من خلال "تيئيس الناس من قدرتهم على تحقيق أهدافهم"، أو تزوير أول انتخابات في مصر بعد سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك.
وقالت الجماعة في بيان رسمي لها، إن المجلس العسكري يبدي تمسكا كاملا بـ"الفشلة والفاشلين"، قاصدة حكومة الدكتور كمال الجنزوري، الذي أكدت أنها منحتها فرصتها في الأداء، إلا أنها جاءت أشد فشلا من الحكومات التي سبقتها.
المجلس العسكري من جانبه رد ببيان غاضب، على تشكيكات الإخوان، مؤكدا فيه أنه يرفض التشكيك في نزاهة الانتخابات، وقال "إننا نطالب الجميع أن يعوا دروس التاريخ، لتجنب تكرار أخطاء ماضٍ لا نريد له أن يعود، والنظر إلى المستقبل بروح من التعاون والتآزر، وأن المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار".
حديث العسكري عن "دروس التاريخ"، وضعت جماعة الإخوان المسلمين في حالة من الرعب، خاصة أنها ذكرتهم بما فعله الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، عندما أطاح بهم عقب أزمة مارس 1954، ووضع قياداتهم في السجن. عدد من شباب الإخوان، رفضوا تهديد العسكري لهم، مهددين بالنزول إلى الشارع، والتظاهر من أجل إقالة الحكومة، رافضين تهديد العسكري بأن قرار حل العسكري في درج المجلس.
وكان عدد من القضاة قد أثاروا أن البرلمان مطعون في شرعيته، بسبب خطأ في القانون الانتخابي الذي ينص على أن يكون نصف المرشحين على القوائم والنصف الآخر على النظام الفردي، غير أن ما تم هو الثلثين مقابل الثلث.
الجماعة وصفت، في بيان لها التهديد بأن الطعن في دستورية مجلس الشعب موجود في درج رئيس المحكمة الدستورية العليا ويمكن تحريكه كارثة، وتساءلت: "هل المحكمة الدستورية خاضعة للسلطة التنفيذية ؟ وهل الذي يحكم العلاقة بين سلطات الدولة هو الدستور والقانون؟ أم التهديد والتلاعب بالدستور؟".
لكن المجلس العسكري أوضح في بيانه أنه "آثر في مرات سابقة الترفع عن الرد على مثل هذه الافتراءات، ولم يستخدم حقه القانوني في التعقيب على تلك الأكاذيب والاتهامات المغرضة، إيماناً منه بأن العسكرية المصرية العريقة أسمى من أن تدخل في جدل مع فئة أو جماعة أو أن تقف في موقف دفاع عن تاريخها الناصع".
العسكري أضاف "توهم البعض أن بمقدورهم الضغط على القوات المسلحة ومجلسها الأعلى بغرض إثنائه عن المضي في مهمته الوطنية لإدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية، والسعي إلى تقويض سلطاته الدستورية دون النظر إلى مصالح الجماهير"، مؤكداً أن "الحديث عن تهديدات بوجود طعن في دستورية مجلس الشعب أمام المحكمة الدستورية العليا، والإيحاء بخضوع هذه المحكمة الجليلة للسلطة التنفيذية، هو أسلوب غير مقبول يستهدف الإساءة إلى القضاء العريق واستباق أحكامه، والسعي إلى تحقيق مصالح حزبية ضيقة".
جماعة الإخوان ردت ببيان جديد، على بيان العسكري حملت فيه المجلس العسكري، باعتباره القائم على السلطة التنفيذية، المسؤولية الكاملة عن آثار بقاء حكومة الجنزوري التي تُصدّر العراقيل والأزمات لأى حكومة مقبلة.
وأعرب الحزب عن قلقه من إمكانية تزوير الانتخابات الرئاسية لصالح مرشح معين.
الخلاف بين العسكري والإخوان، وضع القوى الثورية في حيرة، فأيهما ستدعم في هذه الحرب الشرسة بينهما، لكن المواقف المخزية للإخوان تجاه الثورة، والموقف المعادي للثورة من قبل الجيش، جعل الجميع يقف موقف المتفرج، لا أكثر، منتظرا نهاية الجولة. |